# العولقي: نسب، تاريخ، وموطن قبيلة يمنية عريقة

قبيلة العولقي، اسم يتردد صداه بقوة في تاريخ وجغرافيا اليمن، وهي من القبائل العربية العريقة التي لعبت أدواراً مهمة في المنطقة على مر العصور. عند السؤال عن “العولقي وش يرجع؟”، فإن الإجابة تتجاوز مجرد تحديد نسب إلى استعراض لتاريخ طويل، وامتداد جغرافي مميز، وبنية اجتماعية راسخة ساهمت في تشكيل الهوية اليمنية الأصيلة.

## الأصول والنسب العولقي

تنتمي قبيلة العولقي إلى الجذور اليمنية الأصيلة وتعد من صميم القبائل القحطانية، التي تشكل جزءاً كبيراً من النسيج القبلي في جنوب الجزيرة العربية.

### الانتماء القحطاني الحميري

يعود نسب العوالق إلى حمير، إحدى أعرق وأهم ممالك اليمن القديم التي تركت بصمات عميقة في تاريخ شبه الجزيرة العربية. هم جزء من الكيان القحطاني الذي يتفرع منه عدد كبير من القبائل العربية الجنوبية. هذا الانتماء يمنحهم تاريخاً يمتد لآلاف السنين، مرتبطاً بالحضارات اليمنية القديمة والممالك التي قامت في اليمن مثل مملكة سبأ وحمير ومعين.

### التسلسل النسبي

يُجمع المؤرخون وعلماء الأنساب على أن أصل تسمية القبيلة تعود إلى الجد الجامع “عولق بن عَمْران بن حمير الأكبر”، أو من تفرعات حميرية أخرى تنتهي إلى قحطان. ورغم وجود بعض الاختلافات في التفاصيل الدقيقة للتسلسل لدى بعض المؤرخين، إلا أن الخط العام يؤكد ارتباطهم الوثيق بحمير ومن ثم قحطان، مما يجعلهم من القبائل اليمنية الأصيلة ذات النسب العريق والضارب في عمق التاريخ.

## التوزيع الجغرافي والمناطق العولقية

تتميز قبيلة العولقي بتمركزها الجغرافي الواضح في قلب اليمن، وتحديداً في محافظة شبوة، التي تعتبر معقلهم الرئيسي.

### محافظة شبوة الموطن الأساسي

تعتبر محافظة شبوة الموطن الرئيسي والأصلي لقبائل العوالق. تنتشر فروعها وبطونها في مناطق واسعة من المحافظة، وتشمل مدنًا ومناطق رئيسية مثل نصاب، ميفعة، عتق (عاصمة المحافظة)، المصينعة، الصعيد، وحبان. وقد أثرت هذه القبيلة بشكل كبير في تاريخ وجغرافيا هذه المناطق، وكانت لها الغلبة والنفوذ فيها على مر العصور.

### الامتداد والتواجد

بالإضافة إلى شبوة، يتواجد أفراد من قبيلة العولقي في محافظات يمنية أخرى بحكم الهجرات والتصاهر والتوسع السكاني، مثل أبين وحضرموت. كما لهم تواجد ملحوظ ضمن الجاليات اليمنية المنتشرة في دول الخليج العربي (خاصة السعودية والإمارات) وبعض الدول الغربية، محتفظين بهويتهم القبلية وبتراثهم العريق أينما حلوا.

## الفروع والبطون العولقية الرئيسية

تنقسم قبيلة العولقي إلى فرعين رئيسيين كبيرين، يندرج تحتهما عدد كبير من البطون والعشائر والفخوذ، مما يدل على كبر حجم القبيلة وتنوعها.

### العوالق العليا

تشمل هذه الفروع التي تتمركز في الأجزاء الشمالية والغربية من مناطق العوالق في شبوة، وتحديداً المناطق الجبلية والداخلية. وهي تضم بطوناً كبيرة وذات ثقل تاريخي واجتماعي، مثل آل العولقي (بمعنى الفرع الأساسي الذي يحمل نفس الاسم العام)، وآل دهر، وآل لحمر، وآل عوض، وآل حبيب، وغيرها من الفروع المعروفة بصلابتها وقوة نفوذها.

### العوالق السفلى

تتمركز هذه الفروع في الأجزاء الجنوبية والشرقية، وتحديداً نحو المناطق الساحلية وما حولها من سهول وأودية. وتضم فروعاً مثل آل محمد، وآل معن، وآل باهيا، وآل مشيط، وآل عزان، وغيرهم. ورغم هذا الانقسام الجغرافي، إلا أن الروابط القبلية والعصبية العولقية تجمع بين جميع فروعها، وتشكل نسيجاً متماسكاً يبرز في أوقات الشدائد.

## تاريخ العوالق ودورهم

لم تكن قبيلة العولقي مجرد مجموعة سكانية، بل كانت ولا تزال فاعلاً رئيسياً في تاريخ اليمن الحديث والقديم، ومؤثراً في الأحداث السياسية والاجتماعية في المنطقة.

### الدور السياسي والاجتماعي

لعبت العوالق أدواراً سياسية وعسكرية واجتماعية بارزة في تاريخ شبوة واليمن عموماً. عرفوا بشجاعتهم ودفاعهم عن أراضيهم، ودخولهم في تحالفات ومعارك غيرت مجرى الأحداث في مناطقهم. تاريخياً، كانوا يتمتعون باستقلالية ذاتية أو شبه ذاتية، ورفضوا الخضوع للعديد من القوى التي حاولت بسط نفوذها على مناطقهم. كما اشتهروا بالحفاظ على الأعراف والتقاليد القبلية، وكان شيوخهم وأعيانهم محط احترام وتقدير، ولهم دور كبير في فض النزاعات وحفظ الأمن وفقاً للقوانين العرفية السائدة.

### التراث والثقافة

تعتبر العوالق من القبائل التي حافظت على الكثير من التراث اليمني الأصيل، من عادات وتقاليد وفنون شعبية وشعر قبلي (خاصة الشعر الحميني والبدوي). إن هويتهم القبلية القوية انعكست في تمسكهم بلغتهم ولهجتهم وتقاليدهم الأصيلة، التي تعتبر جزءاً لا يتجزأ من الهوية الثقافية لمحافظة شبوة واليمن ككل.

## الخاتمة

في الختام، فإن “العولقي وش يرجع؟” ليس مجرد سؤال عن نسب، بل هو نافذة على تاريخ عريق، وجذور ضاربة في عمق الحضارة اليمنية. إنهم يمثلون جزءاً حيوياً من النسيج الاجتماعي والقبلي في اليمن، ويحملون إرثاً ثقافياً وتاريخياً غنياً يساهم في تشكيل الهوية اليمنية الأصيلة، ويبرز مدى ارتباط القبائل اليمنية بتاريخ بلادها العريق.

من khaled